رحلة سكون (7): حين لا يَفهمك أحد، ويصبح الصمت لغة النُبلاء

في عالمٍ يضجّ بالأصوات والتوقعات، يصبح عدم الفهم هو الثمن الذي يدفعه الحالمون. لكن هناك لحظة تتوقف فيها عن الشرح، ليس يأسًا… بل رفعة. في هذا المقال، نغوص في ل…

وليد حسانين
المؤلف وليد حسانين
تاريخ النشر
آخر تحديث




في عالمٍ يضجّ بالأصوات والتوقعات، يصبح عدم الفهم هو الثمن الذي يدفعه الحالمون.
لكن هناك لحظة تتوقف فيها عن الشرح، ليس يأسًا… بل رفعة.
في هذا المقال، نغوص في لحظة السكون النبيل حين تختار أن تُفهِم نفسك بدلًا من أن يُفهِمك الآخرون



حين لا يَفهمك أحد، ويصبح الصمت لغة النُبلاء

في مرحلةٍ ما من حياتك، ستكتشف أن هناك شعورًا مؤلمًا لا يُقارن…
ليس الخذلان، ولا الوحدة، ولا حتى الفقد.
إنه: ألا يفهمك أحد.

ستتحدث بحذر، تشرح بنوايا طيبة، تبسط كلماتك، ومع ذلك، سيصل حديثك إلى الآخرين مشوشًا، ناقصًا، وربما مشوّهًا.
وهنا، تحدث نقطة التحول…
تتوقف عن الشرح.

ليس ضعفًا. ليس استسلامًا. بل وعي داخلي أنك لست بحاجة لأن يُفهم كل ما فيك.
أن بعض الأجزاء من روحك خلقت لتكون لك وحدك، لا يحق لأحد الدخول إليها بلا إذنك.


✦ عندما يتحول الفهم إلى رفاهية:

في عالم متسارع، يطلب منك الناس أن تكون مباشرًا، واضحًا، بسيطًا.
لكنك لست "تطبيقًا" يُفهم بواجهة استخدام، أنت إنسان مليء بالتناقض، بالعمق، بالتجارب التي لا تُحكى.
وحين لا تجد من يتسع لفهم كل ذلك، تبدأ لغة جديدة في التشكل داخلك:
الصمت.


✦ الصمت هنا لا يعني الانغلاق، بل الارتقاء:

  • تصمت لأنك أدركت أن من لا ينوي الفهم، لن يفهمك حتى لو شرحت ألف مرة.
  • تصمت لأنك لست بحاجة لتبرير وجودك أو تلميع حقيقتك.
  • تصمت لأنك اكتفيت من "مفاوضات المشاعر" التي تنهكك بلا جدوى.

✦ متى يكون الصمت نُبلًا وليس هروبًا؟

  1. عندما لا يتسع وعي الآخر لحديثك:
    لا تُقصّ جناح أفكارك لتُناسب عقولًا لا ترغب بالطيران.

  2. عندما تتحول كلماتك إلى عبء على روحك:
    لا تُضحي براحتك النفسية مقابل محاولة إرضاء من لا يرى حجم ما تبذله.

  3. عندما ترى أن الصمت يحميك من الانفجار أو الانهيار:
    اختر السلام، لا التبرير.


✦ من يفهمك دون أن تتكلم، هو نعمة لا تُقدّر بثمن:

في المقابل، حين تصادف إنسانًا يرى ما خلف الصمت،
يفهم ما لم تقله، ويستوعب ما تُخفيه رغم وضوحك،
فتمسّك به.
لأن الحياة لا تُهديك مثل هذا كثيرًا.


✦ تمرّن على فهم ذاتك أولًا:

  • اسأل نفسك: لماذا أحتاج أن يُفهمني الآخرون دائمًا؟
  • هل هناك جزء داخلي لم أحتضنه بعد؟
  • ما الذي يجعلني أتألم حين يُساء فهمي؟
    كل إجابة تقترب بك من منطقة أعمق فيك… من سكونك الحقيقي.

في الختام:

أنت لا تحتاج إلى جمهورٍ دائم يصفق لفهمه لك.
أنت تحتاج إلى نفسك أولًا، إلى وعيك، إلى قناعتك أنك لست مسؤولًا عن توصيل كل ما فيك،
وأنّ بعض الرسائل، يكفي أن تبقى غير مرسلة… لأنك أدركت أن من لا يسمع سكونك، لن يفهم ضجيجك.


مواضيع سابقه:

رحلة سكون (6): فن الصمت المُتعمد… كيف يكون الصمت حماية لا ضعفًا؟

تعليقات

عدد التعليقات : 0