لمن ضاقت به نفسه… ثم همس قلبه: اهدني ولو بصمت

كيف تجد الراحة النفسية في يوم عرفة؟ دعاء وسكون وهداية في يومٍ تتنزل فيه الرحمات… قد لا تملك دعاءً منسّقًا، ولا قلبًا حاضرًا، ولا دمعة قادرة على الخروج…

وليد حسانين
المؤلف وليد حسانين
تاريخ النشر
آخر تحديث
كيف تجد الراحة النفسية في يوم عرفة؟ دعاء وسكون وهداية


في يومٍ تتنزل فيه الرحمات…
قد لا تملك دعاءً منسّقًا، ولا قلبًا حاضرًا، ولا دمعة قادرة على الخروج.
وقد لا تعرف حتى… ما الذي تريده فعلًا.

لا بأس.

فبعض القلوب لا تسأل… لأنها تعبت من الإجابات.
وبعض النفوس لا تشتكي… لأنها فقدت اللغة.
وأنت؟
قد تكون في المنتصف:
تتمنى أن تشعر، لكنك لا تشعر.
تتمنى أن تبكي، لكنك لا تستطيع.
تتمنى أن تدعو، لكنك لا تعرف ماذا تقول.

لا بأس.

الله ليس بحاجة إلى لغتك.
ولا إلى دمعتك.
هو يعلم ما خلف عينيك،
وما تحت جلدك،
وما تخفيه عن الجميع… حتى عنك.

في يوم عرفة، هناك من يقف على جبل الرحمة، وهناك من يبحث عن رحمةٍ داخل نفسه.

كلاهما… على موعد.

فقط كن هناك…
بصمتك، بتعبك، بخوفك، حتى ببُعدك.
فالله لا يشترط الحالة المثالية… بل يحب الكسير الذي جاء رغم كل شيء.

إن كنت ضائعًا، مُنهكًا، مرعوبًا، بارد القلب أو ساخن الدمع…
فهذا المقال كُتب من أجلك،
لأن الدعاء لا يُشترط أن يكون بصوتٍ مرتفع…
أحيانًا يكفي أن تتمنى شيئًا… في سكون.


ثم تأتي لحظةٌ غريبة،
لا تعرف إن كانت هدوءًا أم استسلامًا…
لحظة يهمس فيها قلبك: "اللهم… اهدني، وإن لم أقلها صراحة."

أحيانًا لا تحتاج إلى بدايةٍ جديدة،
بل إلى قلبٍ يهدأ… قليلًا فقط.

كل ما فيك مشغولٌ بالركض، بالبحث، بالحساب…
حتى النَفَس، صار ثقيلًا.

لكن حين تُطفأ الأصوات،
ويظل قلبك وحده مكشوفًا أمامك،
تكتشف أنك لا تريد أكثر من طمأنينة لا تُشترى.

تُدرك أن أعظم الهدايات لا تأتي من الخارج…
بل من نورٍ خفيّ داخلك… يُشبه الرجوع.


لا تبحث عن الإشارة في السماء،
ربما كانت الإشارة داخلك منذ البداية.

الهداية ليست شيئًا نطلبه… بل شيئًا نستسلمه.
أن تقول: "اللهم خُذ بيدي، فأنا لا أحسن الوصول."
أن تسير، حتى وإن لم تكن متأكدًا…
أنك لا تُجيد الدعاء، لكنك حاضر.
أنك لا تملك يقينًا كاملًا، لكنك تحنّ إليه.


في هذا اليوم،
لا تطلب كثيرًا… فقط قُل:

"يا الله… إن كان في قلبي ظلمة، فاجعلها طريقًا لنورك.
وإن كان فيّي ضعف، فاجعله بابًا لقوتك.
وإن كنت لا أعرف من أين أبدأ… فاجعل هذا السكون بداية."


🌿 خلاصة الأثر:

ليست كل الهدايات ضوءًا مفاجئًا…
بعضها يأتي مثل سكون المغرب…
بطيئًا، دافئًا، صادقًا، ومليئًا بالطمأنينة.



تعليقات

عدد التعليقات : 0