في لحظة صمت، قد تهتف جراحك القديمة دون أن تنطق.
ليست كل الآلام تُنسى، وبعضها يتعلم البقاء دون أن يؤذي.
في هذا الفصل من "رحلة سكون"، نغوص في أعماق التصالح مع الألم، لا إنكاره.
![]() |
نقطة التحول تبدأ حين نختار الشفاء لا النسيان. |
"لم أعد أبحث عمّن يُعيد لي ما خسرته، بل عمّن يُجيد فهم ما بقي مني."
✦ هل تُشفى الجراح فعلًا... أم نتعلم فقط كيف نتعايش معها؟
في كل محطة من الحياة، نمر بجراحٍ عميقة:
خسارة، خذلان، رحيل، خيبة ظن…
نظن أن النسيان هو الحل، لكن الحقيقة تقول:
ليس كل ما يؤلم يُنسى، ولكن كل ما يُفهم يُشفى.
الفرق بين الشفاء والنسيان، أن:
- النسيان محو قسريّ لما كان.
- أما الشفاء فتصالح ناضج مع ما حدث، دون إنكار، دون انكسار.
✦ كيف تبدأ رحلة التعافي؟
في البداية، نرفض الألم.
ثم نحاول الهروب منه.
ثم نُجبر أنفسنا على التجاهل والتظاهر بالقوة.
لكن في لحظة صادقة مع النفس، ندرك أن الطريق الوحيد هو:
المواجهة بهدوء... والتأمل في دواخلنا لا فيما حدث فقط.
التعافي ليس حذفًا، بل احتواء.
وليس جلدًا للنفس، بل فهمها.
✦ لماذا نخشى مواجهة جراحنا؟
لأنها تكشف لنا:
- كم كنا طيبين في موضع لا يستحق.
- كم مرّة صدّقنا من لا يرى فينا إلا ما يناسبه.
- كم تألمنا بصمت بينما كان يُطلب منا أن نبتسم.
لكن الصمت الذي كان يؤلمنا،
قد يصبح بعد الشفاء سُكونًا مطمئنًا،
يمدنا بسلامٍ لم نجده حين كنا نحارب لإثبات ما لا يجب إثباته.
✦ علامات أنك بدأت تتعافى فعلًا
- لم تعد تُبرر انسحابك.
- تتذكر الحدث دون أن ينقبض صدرك.
- توقفت عن لوم نفسك أو الآخرين.
- لا تنتظر اعتذارًا من أحد.
- أصبح الصمت اختيارًا لا عجزًا.
السكينة ليست غياب الألم، بل أن لا تدع الألم يقودك.
✦ كيف نحول الجراح إلى نور داخلي؟
- بالكتابة: دع الكلمات تخرج كما تشعرها، لا كما يجب أن تبدو.
- بالتأمل: خصّص وقتًا لتُصغي لقلبك قبل أن تصغي للناس.
- بالمغفرة: لا لأجلهم، بل لأجلك.
- بالحدود: لا تسمح لأحد أن يقترب من نفس المكان الذي جُرحت فيه سابقًا دون استحقاق.
الذين تعافوا بحق، لا يعودون كما كانوا... بل يصبحون أكثر لطفًا وأكثر حزمًا.
✦ سكون ما بعد العاصفة
ربما لن تنسى ما حدث،
ولن يعود شيء كما كان،
لكن حين لا تعود تنزف كلما تذكرت...
حينها فقط،
تعلم أنك أصبحت بخير.
✤ في المقال القادم من "رحلة سكون"، سنتحدث عن:
"فن الصمت المُتعمد… كيف يكون الصمت حماية لا ضعفًا؟"
إذا أحببت هذا المقال، لا تنسَ مشاركته مع من يحتاج إليه.
فكلمة واحدة تُكتب بصدق… قد تُحدث فرقًا.
اقرأ ايضاا:
السكون (4): حين تعجز الكلمات ويبدأ الصمت في الحديث