لماذا نشعر بالوحدة رغم وجود الناس؟ رحلة نحو الداخل الصامت

ليس دائمًا لأننا وحيدون، نشعر بالوحدة... بل أحيانًا لأن أرواحنا لم تجد من يسمعها دون أن تتكلم. أحيانًا، لا تكون الوحدة في المكان… بل في الداخل حيث لا أحد يراه…

وليد حسانين
المؤلف وليد حسانين
تاريخ النشر
آخر تحديث

ليس دائمًا لأننا وحيدون، نشعر بالوحدة... بل أحيانًا لأن أرواحنا لم تجد من يسمعها دون أن تتكلم.

شخص يجلس في صمت بجوار نافذة مطرية، وضوء شمعة ينعكس على وجهه، في مشهد يعبّر عن الشعور بالوحدة رغم وجود كل شيء.
أحيانًا، لا تكون الوحدة في المكان… بل في الداخل حيث لا أحد يراه.

🕊️ مقدمة تأملية:

في زمنٍ كثيفٍ بالضجيج، تزداد المسافات بين القلوب رغم اقتراب الأجساد. يحيط بك أصدقاء، عمل، لقاءات عائلية، وربما آلاف المتابعين على مواقع التواصل… لكن في الداخل، هناك شيء فارغ… صامت… بارد.

شعور لا يُشرح، لكنه يُثقِل… اسمه: الوحدة في الزحام.

هذه ليست مجرد حالة نفسية… إنها دعوة خفية للنظر داخل الذات. في هذا المقال، نُبحر سويًا بهدوء… لنسأل، ونفهم، ونُشفى.


🧩 ما هي الوحدة التي نشعر بها فعلًا؟

الوحدة التي نتحدث عنها هنا، ليست غياب الناس حولك، بل غياب الاحتواء الحقيقي. أن تكون مع الناس، لكن لا أحد منهم يرى "النسخة الداخلية" منك. أن تضحك، وتتكلم، وتُبدي التفاعل، لكن لا أحد يلاحظ أنك تنهار بصمت.

هذه الوحدة لا تُرى بالعين، لكنها تُشعر بها الروح.


🔍 لماذا نشعر بالوحدة رغم أن حولنا من نحب؟

1. لأن التواصل أصبح سطحيًا:

معظم العلاقات اليوم مبنية على المجاملات، الصور، التفاعلات السريعة. لم يعد هناك من يسأل: "كيف حال قلبك؟"

تكلّم كثيرًا… لكن دون أن تقول شيئًا حقيقيًا.

2. لأننا نُخفي عمقنا خوفًا من الجرح:

كل من مرّ بخذلان أو خيانة، يبدأ في بناء جدران داخلية. يصبح الحذر هو اللغة الجديدة. فنرتدي أقنعة… ونبتسم، ونخفي الألم.

فنصبح وحيدين داخل صداقات مزدحمة.

3. لأننا نبحث عن فهم… لا وجود فقط:

أحيانًا لا نحتاج من يبقى، بل من يفهم. من يلاحظ التفاصيل الصغيرة، ويشعر بك من دون أن تطلب. هذا نادر… لذا، حين لا نجده، نشعر بأننا وحدنا.


💭 علامات الوحدة الصامتة:

  • تتكلم كثيرًا لكن لا تقول ما بداخلك
  • تضحك في اللقاءات لكن تنهار بعد أن تعود
  • تشعر أن لا أحد يفهمك كما أنت
  • وجودك يبدو زائدًا حتى وأنت محاط بالناس
  • لا تشارك حزنك حتى مع أقرب الناس لك

الوحدة ليست غياب الآخرين… بل غياب "الانتماء" وسطهم.

 

أحيانًا لا نحتاج من يبقى، بل من يفهم. من يلاحظ التفاصيل


🌿 كيف نبدأ في علاج هذا النوع من الوحدة؟

1. توقف عن البحث القهري عن من "يملأ الفراغ"

أحيانًا نُسرف في التعلّق بالناس كي لا نشعر بالوحدة، فنخسر أنفسنا. ابدأ بتكوين علاقة داخلية مع نفسك أولًا…

اجلس معها، اسألها: "ماذا يؤلمك؟ وما الذي تحتاجه فعلًا؟"

2. قلل الضجيج… وامنح نفسك مساحة صمت

الوحدة أحيانًا تكون رسالة من الروح بأنك بحاجة للهدوء. اطفئ الأجهزة، أوقف التشتت، واخلق مساحة لسماعك الداخلي.

3. ابدأ علاقات جديدة بمعايير مختلفة

ابحث عمّن تشعر معه بالأمان… لا الانبهار. عن من يرى حزنك قبل أن تسرده. عن من لا يجعل وجودك مرهونًا بإثبات.

4. تقبّل أن بعض الوحدات جميلة… ومؤقتة

ليست كل وحدة سلبية… بعضها "مُطهّر"، يعلّمك كيف تكون كافيًا لنفسك، وكيف تختار بعدها من يُضيف، لا من يملأ.


🕯️ هل كل من يشعر بالوحدة… هو بالفعل وحده؟

لا. هناك من يشعرون بالوحدة رغم أنهم محبوبون… فقط لأن المحيط لا يرى العمق. وآخرون وسط عائلاتهم، لكن لا أحد يستمع لألمهم حقًا.

نحن لا نحتاج العدد… نحتاج الصدق.


✨ أشياء صغيرة، تُشفي شعورك بالوحدة:

  • وردة حقيقية في غرفتك
  • صوت قرآن هادئ في الفجر
  • لحظة تأمل قبل النوم
  • قراءة رسالة قديمة من قلبٍ أحبك بصدق
  • أو حتى… أن تكتب ما بداخلك وتُفرغ ما لا يُقال

💠 دعاء لكل من يشعر أنه وحيد:

اللهم لكل قلب يشعر بالوحدة رغم الزحام… كُن أنيسه، وكفّ عنه ثقل الشعور.
واجعل له نورًا لا يُطفأ، يُنير له ما خفي، ويُسكنه حين يعجز الكلام عن التعبير.


📌 رسالة ختامية:

إذا وجدت نفسك بين هذه السطور… فأنت لست وحدك. شارك هذا المقال مع من يشبهك، أو مع من لا يشعر بك… لعلّه يفهمك.

نراك في المحطة القادمة من "رحلة سكون".

المقال السابق:

الذين يحبون بصمت… لماذا لا نلاحظهم إلا بعد رحيلهم؟



تعليقات

عدد التعليقات : 0